غزة-دنيا الوطن
نشرت صحيف الاسبوع المصرية التقرير التالي كتبه أكرم خميس:لا تجعل صدمة العنوان،* تنسيك أن شعب مصر هو الذي قدم أروع أشكال التضامن مع أشقائه في* غزة طوال أيام العدوان الإسرائيلي،* وعليك أن تتذكر،* وأنت تقرأ تفاصيل هذه الفضيحة المثيرة،* أن ظاهرة تجار الحروب وسماسرة الموت ليست جديدة ولا* غريبة،* فقد عرفها العالم في كل صراعاته،* بما في ذلك الخفية منها*.. مثل هؤلاء التجار يمارسون حرفتهم الملعونة بأشكال عدة،* فمنهم من يستغل الحروب للسمسرة في السلاح،* ومنهم من يوظف الدماء علي جبهات القتال للتأثير علي حركة الأسواق بما يخدم مصالح الجهات التي يخدمها،* فيما يقوم البعض بالمتاجرة بالبشر بتجنيدهم إما لخوض المعارك كمرتزقة،* أو لجمع المعلومات كجواسيس*. أما أخطر هؤلاء التجار،* فهو من يزود عدوه باحتياجاته الغذائية والعسكرية خلال القتال،* مفضلا تحقيق ربح مادي لنفسه علي حساب دماء
أهله،* ومستقبل أمته*.. وتدخل الفضيحة التي تنفرد* 'الأسبوع*' بنشر تفاصيلها في إطار النوع الأخير من المتاجرة بالحروب،* فبينما كانت مصر كلها تنتفض حزنا علي ما يحدث لغزة،* والدعاة والائمة والقساوسة يتوجهون لله بالدعوات لنصرة الأبرياء الجائعين في القطاع المحاصر،* كان جنود العدو يتزودون بأغذية مصرية اسمها* 'لذة*'،* تنتجها شركة 'الاتحاد الدولي للصناعات الغذائية المتكاملة*' في مصانعها بالمنطقة الصناعية في مدينة السادات* . أما التفاصيل نفسها فتتضمن الكثير من الأسماء والأرقام والمستندات الصادمة لكل ذي كرامة*..
• • •
الصدمة الأولي*
في العاشر من شهر يوليو الماضي سحب الضابط هشام خلاف رخصة السائق محمد محمد إسماعيل،* ثم منحه إيصالا ذكر فيه ان الرخصة سحبت لأن صاحبها خالف القانون حين سار بشاحنته في يسار طريق مصر* - الإسماعيلية*. لحظتها لم يكترث السائق كثيرا بالمخالفة،* فقد* كان همه الحقيقي هو إكمال الرحلة،* دون شوشرة من أي نوع*.
كانت الشاحنة تحمل حوالي* 20* طنا من المواد الغذائية مرسلة من طرف الشركة المصرية إلي شركة* 'تشانل فوود*' الإسرائيلية لتقوم الأخيرة بتزويد جيش الاحتلال بها*.
ورغم أن السائق،* كان علي دراية بان أحدا لا يستطيع منعه من إكمال الرحلة،* إلا إن خوفه من تسرب سر حمولته لأي من الواقفين في كمين لجنة المرور،* جعله يتسلم الإيصال من يد الضابط بسرعة،* قبل أن يطويه ويضعه دون أن يقرأه،* داخل حافظة ألقاها أمامه،* ثم تحرك بشاحنته جهة الشرق*.. وقبل أن يصل محمد الذي يقطن بعرب جهينة التابعة لمركز شبين القناطر إلي معبر العوجة،* كان زميله عادل محمد حنفي* (50* عاما*) يقف بشاحنة ثانية رقمها* 195507* (نقل القاهرة*) أمام مصانع الشركة بمدينة السادات،* منتظرا أمين المخازن محمد السيد كي يتسلم منه* 18* طنا من الفاصوليا المتجهة لنفس المكان الذي اعتاد علي الذهاب إليه منذ التحق بالعمل لدي الشركة*... إسرائيل*.
كان عادل قد دخل دولة العدو مرات عدة قبل ذلك،* لكنه كان يخفي ذلك* عن أقاربه،* وكذا جيرانه بحارة البدري في مدينة السلام،* مكتفيا بإبلاغ* من يسأله بأنه ينقل منتجات الشركة لدول عربية،* أو إلي موانئ بعيدة كسفاجا والسويس،* وحينما قام ضابط المرور أحمد عبدالهادي من مرور البحر الأحمر يوم* 31* مايو الماضي بسحب رخصة المقطورة التي تجرها شاحنته،* استغل* عادل الفرصة،* فحول الإيصال إلي دليل يثبت صحة مزاعمه*.
أما داخل الشركة،* فكان عادل ومحمد وزملاء لهما خاضوا نفس التجربة يبررون قبولهم لهذه المهام،* بضغوط أصحاب الشركة وعدم وجود بديل يحقق لهم نفس العائد المادي*.
وفي بعض الأحيان كان السائقون ينزعون قناع الخجل،* ويقولون لمن يسألهم*: إن الشركة تطبع مع إسرائيل منذ سنوات،* فلماذا لم يتخذ أي من الاداريين أو الفنيين موقفا شجاعا؟*!
لقد بدا نجاح الشركة في الحفاظ علي سرها الكبير أمرا مذهلا*.. تخيلوا أن اسم هذه الشركة التي تتعامل مع إسرائيل ليل نهار لم يظهر في أي من قوائم المطبعين التي نشرت من قبل،* وكانت تركز علي شركات،* مثل* 'أجرولاند*' التي تقوم بتسويق وإنتاج البذور والمخصبات الزراعية الصهيونية والمبيدات وبذور الطماطم*،* و'سيف أجريت*' التي تعمل كوكيل لشركة* 'تتانيم*' الإسرائيلية المتخصصة في عمليات الري بالتنقيط،* وشركة* 'ستار سيدس إيجبت*' التي تقوم باستيراد الفلفل والطماطم من إسرائيل وشركة* 'بيكو*' التي تقوم بزراعة شتلات الفاكهة والخضار الإسرائيلية*.
• • •