1 - جبال فلسطين
أ - جبال الجليل
تتصل مرتفعات الجليل شمالاً بجبل عامل، وتكاد الصفات الطبيعية للمنطقتين تكون واحدة، ومرتفعات الجليل تمتد نحواً من خمسين كيلومتراً من نهاية سهل عكا غرباً إلى مشارف طبرية شرقاً، وما يقرب من المسافة نفسها من الحدود اللبنانية شمالاً إلى سهل مرج ابن عامر جنوباً. وبلغ معدل ارتفاعها بين ثلاثمئة وستمئة متر، إلا أن قممها تتجاوز هذا الارتفاع. فجبل الجرمق هو أعلى جبال فلسطين، علوه 1100 متر، وجبل كنعان، قرب مدينة صفد، يرتفع حتى 841متراً.
والذي يعرف ما في جبال لبنان من وعورة وعمق في الأودية ومن كثرة المسالك الصخرية يرى في جبال الجليل صفات تختلف عن ذلك. فهي، في كثير من الأحيان. لا تعدو أن تكون تلالاً مستديرة واضحة الخطوط مكسوة بالعشب. وهذه المرتفعات تنتهي بشكل مفاجئ في الجنوب. ذلك بأن الذي يخرج من الناصرة مثلاً يجد نفسه بعد قليل، يهبط هبوطاً سريعاً إلى مرج ابن عامر. ويرى في الجهة الشمالية الشرقية من السهل. جبل الطور (طابور) الذي يرتفع من السهل إلى علو يبلغ نحو 650 متراً، ويبدو هذا الجبل كأنه قبة ضخمة تتوسط هذا الجزء من السهل.
ب - جبال السامرة (مع الكرمل)
تقع هذه الجبال إلى الجنوب من مرج ابن عامر شمالاً، وتمتد إلى الجنوب من مدينة نابلس (عند خان اللبن). وإذا أضفنا إليها جبل الكرمل الذي يبدأ عند مدينة حيفا ويصل إلى مجدّو ثم يتصل بها حول جنين. كانت الرقعة التي تشغلها قريبة من الرقعة التي تشغلها مرتفعات الجليل. وفي الشرق تطل هذه الجبال على الغور الذي يفيد نهره (الأردن) من المياه التي تحملها إليه الأودية مثل وادي الفارعة وبعض الأنهار.
وهذه الجبال، على العموم، أقل ارتفاعاً من جبال الجليل. وليس فيها سوى جبل واحد يقرب ارتفاعه من ألف متر (جبل جريزم قرب نابلس). أما جبل الكرمل فيبلغ أعلى ارتفاع فيه 550 متراً.
وقد أثرت عوامل التعرية في جبال السامرة فخددت فيها أودية كثيرة بعضها ضيق عميق، والبعض الآخر واسع بحيث سمح للغرين أن يستقر فيه ويكون سهولاً داخلية ضيقة لكنها خصبة. إلا أن جبال السامرة عموماً. إذا قوبلت بجبال الجليل، أفقر في المارد الطبيعية. والطبقات الظاهرة على السطح هي، في الغالب من النوع الطبشوري تتخلله بعض نتوءات من البازلت، ولذلك كانت تربتها أفقر وينابيعها أقل كثيراً من جبال الجليل. ويغلب أن يستقر السكان فيها في الأودية الواسعة. أما جبالها فتصلح للرعي.
ج - جبال القدس والخليل
إلى الجنوب من نابلس، على ما ذكرنا، تتداخل جبال السامرة بجبال القدس والخليل، التي يتراوح ارتفاع القسم الأكبر منها بين خمسمئة وألف من الأمتار، وبسبب قلة الأمطار التي تسقط عليها فإن عوامل التعرية لم تفعل فيها فعلها في جبال السامرة، لذلك فإن الأودية العميقة وخطوط الارتفاعات غير المنتظمة التي نراها في هذه الجبال أقل منها في تلك. وتظل هذه الجبال مرتفعات متصلة تكون هضبة عالية. قلما تختلف طبعيتها من مكان إلى آخر. وتظهر الصخور الكلسية الطبشورية على السطح. وتكون في الغالب عارية أي لا تعلوها التربة، والصفات الطبيعية الغالبة عليها مناطق صخرية جرداء واسعة، وصخور متفرقة متباعد وبعض الأخاديد التي تقع على جنبات التلال، وهي في الغالب جافة وإن كان ثمة مجار للمياه الجوفية وبعض الكهوف. ويغلب عليها أن تكسو أجزاء صغيرة منها نباتات من نوع الأنجم والنباتات الشوكية. هذه هي «برية القدس» العارية الجرداء الغبراء.
وتمتد هذه الجبال إلى الجنوب من مدينة الخليل (خليل الرحمن) بحيث تتصل بالنقب، على أنه بين الجبال والنقب يمتد انخفاض من الشرق إلى الغرب، وهو أقل انخافضاً من الجبال المذكورة، وتربته الغرينية رقيقة جداً.
أما النقب فهو هضبة يترواح ارتفاعها بين 300 و600 متراً، إلا أن بعض المرتفعات الالتوائية في المنطقة تتجاوز معدل الارتفاع العام بما يقرب من 300 متر. إلا أن الأجزاء الشمالية والوسطى من النقب يكسوها غطاء من التربة الرخوة التي يمكن استغلالها لو توفر لها الماء.
إلى الغرب من جبال القدس والخليل وجبال السامرة تقع منطقة تلال انتقالية بين الجبال والسهل الساحلي، ولعل أصلها الجيولوجي مرتبط بالفوالق التي تعرضت لها المنطقة في العصور الجيولوجية السحيقة، والتي أوجدت هذه المنحدرات غربي الجبال. ومع أن الصخور التي تتكون منها سلسلة الجبال هذه هي الصخور الكلسية الطبشورية نفسها التي تتكون منها الجبال، فإن رطوبة الجو الموجودة هناك فعلت فعلها في تعرية التلال فأصبحت منحدرة انحداراً تدريجياً، وأودية واسعة تغطيها طبقة من التربة تصلح للزراعة، ولذلك فقد مكنت لعدد أكبر من السكان أن يستقر فيها.